إسـهـامـات روّاد عـلـم الاجـتـمـاع فـي سـوسـيـولـوجـيـا الـعـمـل

الملخص

ان فكرة العمل تطوّرت مع وجود وتطوّر الإنسان منذ الأزل؛ إلاّ أنّ نظرة الإنسان لهذه الفكرة أخذت عدّة صور وأشكال منذ الحضارات القديمة إلى الحضارات الحديثة. فالعمل كان وسيظل مصدراً للإنتاج والتّطوّر والرّقي. رغم اختلاف الحضارات في نظرتها للعمل وفي القيم المرتبطة به.  ويمثّل العمل الرّكن الرّاسخ الثّابت في النّسق الاقتصادي للمجتمع، ويرتكز هذا النّسق في المجتمعات الحديثة على الإنتاج الصّناعي الّذي يختلف بمفهومه الحديث اختلافاً عميقاً عن أنساق الإنتاج الماضية الّتي كان أغلبها يعتمد على العمل الزّراعي والرّعي. فالمجتمعات الحديثة لم تبتعد عن النّشاط الزّراعي التّقليدي فقط، بل إنّ ما تبقى من النّشاط الزّراعي قد غذا مصنّعًا، إلى حدٍّ كبير، بعد أن حلّت الآلات والمعدّات الحديثة محل الأيدي العاملة. والصّناعة الحديثة نفسها أيضاً قد أصابها التّحوّل والتّغيّر بعد أن أصبحت التّقنيّة تمثّل قوامها الأساسي. هذا ويشهد العمل تحوّلات عميقة هائلة، بسبب الآثار الّتي خلّفها دخول تقنيّة المعلومات على عالم العمل، والّتي أدّت إلى قرب انتهاء الوظائف والفرص في سوق العمل. ولهذا يرى الكثير من الباحثين أنّ ما يحدث الآن هو الانتقال إلى نوع جديد من المجتمعات الّتي لا تقوم أساساً على الصّناعة والتّصنيع، وإنّما تتجاوز الحقبة الصّناعيّة بمجملها، يطلق عليها "المجتمع ما بعد الصّناعي" أو "عصر المعلوماتيّة "أو "الاقتصاد الجديد"، أو "اقتصاد المعرفة"، والّذي يتميّز بالتّدفق الدّائم للمعلومات والآراء؛ والّذي أدّى إلى إحداث ثورة في تنظيم العمل. وسيسيولوجيا العمل ما هو إلاّ حقل من حقول علم الاجتماع، يهتم بدراسة العلاقات الاجتماعيّة في بيئة العمل، وتأثيرها على المجتمع.